“كارلا بروني عشيقتي السرية”، علاء حليحل، قديتا للنشر والإنتاج، عكّا 2012، والترجمة العبرية لبروريا هورفيتس، كنيرت زمورا بيتان، أور يهودا 2012
نشرت الترجمة العبرية للمجموعة القصّصية “كارلا بروني عشيقتي السرية” للأديب علاء حليحل بعد زمن قصير من صدورها باللغة العربية في آذار 2012 في دار النشر قديتا. يعتبر علاء حليل، الأديب والكاتب المسرحي والصحافي الفلسطيني، وبحق أحد النجوم الساطعة في سماء الأدب الفلسطيني المعاصر. وهو يشغل منصب رئيس تحرير موقع “قديتا”، ذلك الموقع الافتراضي الذي أقامه عدد من المفكرين العرب واحتلّ منذ يوم انطلاقه الأول مكانة رفيعة وهامة بين المنصّات الأصيلة التي تشكّل تحدّيًا بكل ما يتصل بالتفكير النقدي والشعر والأدب العربي المعاصر. مجموعة القصص “كارلا بروني عشيقتي السرية” هي اصدار علاء حليحل الرابع، ، وقد ظهر إلى النور بعد مخاض أثمر ثلاثة إصدارات سابقة (“السيرك”، و”قصص لوقت الحاجة”، و”الأب, الابن والروح التائهة”)، إلاّ أنه الإصدار الأول الذي ترجم إلى العبرية، ولذلك فهو يعتبر نافذة للقرّاء الإسرائيليّين يمكنهم من خلاله لمس النوع الأدبي المميّز الذي يستند إليه الكاتب الذي يتمتّع بلمسة إنسانية بالغة الشفافية والتعرّف إلى منظوره الاجتماعي ومواقفه السياسية الصريحة والجريئة.
تعتبر المجموعة القصّصية هذه تجربة خاصة لعلاء حليحل يسعى من ورائها إلى تحليل الواقع الفلسطيني الراهن بطريقته المميّزة التي تعتمد أوصافًا بسيطة ومباشرة ودنيوية ومثيرة للمشاعر. بمعزل عن البُعد القصصي للمضامين التي يعالجها الأديب، تعتبر قصص علاء حليحل عرضًا أصيلاً للمشاعر والأفكار الاجتماعية والسياسية للسكان الفلسطينيّين (ولا سيما تلك الفئة الخاضعة إلى السلطة الإسرائيلية في حدود الهدنة 1949) في مواجهاتها للدولة ولعلاقاتهم ببقية أبناء وبنات الشعب الفلسطيني المقيمين خارج حدود موطنهم ولنظراتهم إليهم. ويبدو أن المميّز في كتابته يكمن في التعبير عن إنسانيته البالغة التي يعتمدها في نمط كتابته، وكذلك في قدرته على الكتابة السياسية الدرامية واستخدامه الشخصيات العرضية أو غير العرضية التي يصادفها في حياته اليومية (كلقائه بصديق في صيدلية)، واعتماده على علاقات متخيلة (كعلاقة العشق السرّية التي تربطه بكارلا بروني)، أو الكتابة النقدية حول إسرائيل وحول المجتمع الفلسطيني (كقصّة اتخاذ شاب فلسطيني قرارًا بإطلاق لحيته وتبعات ذلك على حياته). يمكننا القول إن قصص علاء حليحل، التي تعرض أحوالاً ممتعة ومقلقة، تقف عند توصيف مجتمع يسعى أفراده إلى التعايش مع عالم مركّب لا بل ومعادٍ أحيانًا حيث يتعثّرون يومًا بعد يوم بقضايا قومية وطبقية وجندرية.
لقد قرأت المجموعة القصصية بداية باللغة العربية وبعدها قرأتها باللغة العبرية. تجدر الإشارة إلى أن القراءة باللغة العربية الأصلية قد استحضرت لدي عوالم وحيوات أبطال كل قصّة من المجموعة القصصية بصورة طبيعية أدهشتني في كل مرة من جديد. إلاّ أنه تجدر الإشارة كذلك إلى أن ترجمة بروريا هورفيتس العبرية حافظت على انسيابها وجودة لغتها وحميميتها.
حنان سعدي